قصة اليزابيث هولمز :مليارديرة النصب والاحتيال بوادي السيليكون
كيف خدعت شابة امريكية ذات 19 سنة امريكا و المجتمع العلمي على مدار 11 عاما و كونت ثروة بالمليارات عن طريق الاحتيال.
هذه حكاية إليزابيث هولمز التي تمكنت من خداع اباطرة المال و الاعمال عندما كانت في التاسعة عشرة من عمرها وأصبحت أصغر المليارديرات في العالم.
وُلدت إليزابيث هولمز سنة 3 فبراير 1984 في العاصمة واشنطن. التحقت هولمز بجامعة ستانفورد لدراسة الهندسة الكيميائية. لكنها سرعان ما انسحبت من الجامعة تمامًا ، حينها بدأت تعمل على تطوير مشروعها ثيرانوس.
تمحورت فكرة ثيرانوس حول آلة بحجم كمبيوتر تستطيع إجراء عدة فحوصات دم، باستخدام تقنية خاصة تتطلب فقط وخزة إبرة بالاصبع و استخراج قطرة دم.
ادعت هولمز إن اختراعها الغير مسبوق سيلغي عمل الطبيب بما ان الة الثيرانوس ستكون قادرة على الكشف عن العديد من الحالات المرضية مثل السرطان وارتفاع الكوليسترول بالدم. و تقديم علاح فعال للمرض.
بدات هولمز باطلاق حملة اسمتها ” الخوف من الابر” لتمويل مشروعها عبر فيسبوك. جمعت خلالها 3 ملايين دولار.
بعد هذه الحملة استطاعت هولمز في جمع الأموال لصالح ثيرانوس من مستثمرين بارزين و كيانات مالية وازنة مثل مؤسس أوراكل لاري إليسون وتيم دريبر، مؤسس شركة VC الشهيرة درابر فيشر جورفتسون.
هكذا جمعت هولمز أكثر من 700 مليون دولار، و استطاعت ان تتصدر مجلات عالمية ك Forbes and Fortune
لكن كيف تمكنت فتاة في مقتبل العمر من التأثير على رجال اعمال لتمويل ادعائها العلمي الذي لا يعدو ان يكون إلا من وحي الخيال؟
اتبعت هولمز لتحقيق حلمها و بناء شركتها الوهمية بعض القواعد النفسية و الحيل الترويجية للتأثير سيكولوجيا على الناس.
القاعدة الأولى : إختلق قصة و اشحنها بالعواطف
غالباً ما أشارت هولمز إلى وفاة عمها بسبب السرطان كدافع لها لمحاولة خلق قصة تدعم بها مشروعية عملها. زعمت أن اختبارات الدم السريعة والبسيطة التي يستطيع ثيرانوس القيام بها ستؤدي إلى الكشف المبكر عن المشاكل الصحية بسهولة.
بالإضافة إلى استخدام العاطفة ، حاولت هولمز بناء سمعتها و اكتساب مصداقية اكثر عن طريق إحاطة نفسها بشخصيات معروفة كمردوخ وكيسنجر. بل إن بعضهم عمل في مجلس إدارة ثيرانوس ، مثل وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس ورجل الدولة جورج شولتز.
القاعدة الثانية : إستغل مظهرك الجذاب
إستغلت هولمز جمالها لكي تؤثر و تخدع الناس بكل سهولة. هذا ما يطلق عليه الباحثون في علم النفس بتأثير الهالة Halo Effect.
ببساطة ، الشكل و المظهر يحدث فرقا كبيرا في تقييمنا للشخص الآخر. حيث أظهرت عدة دراسات أننا نعتبر الأشخاص الجذابين و الوسيمين أشخاصًا أكثر ذكاءا و نجاحا ؛ أشخاصا يتمتعون بصحة جيدة ، و هم أجدر بالثقة أكثر من الأشخاص غير الجذابين.
القاعدة الثالثة : إجعل الناس يألفونك أكثر.
في علم النفس تسمى هذه الظاهرة ب Mere exposure effect أي أثر التعرض المجرد أو المحض. حيث أنك كلما رأيت أو سمعت شخصا أو شيئًا ، كلما ألفته و أعجبت به أكثر فأكثر.
حيث حرصت هولمز على الظهور على اغلفة أشهر المجلات كالفوربس و الفورتشن. و استضيفت من قبل برامج عالمية مثل التيديكس. لتتحدث عن النجاح و شغفها بالعمل و الإنجاز.
القاعدة الرابعة : قلد أحد أشهر شخصيات وادي السلكون
استعارت هولمز مبدأ السرية في إدارة شركة الثيرانوس من بطلها في سيليكون فالي: ستيف جوبز المدير التنفيذي السابق لشركة أبل.
كانت هولمز ترتدي قمصانا سوداء تماما مثل “جوبز” ، وزينت مكتبها بأثاثه المفضل ، و كستيف جوبز ، لم تأخذ عطلات أبدًا.
كما أن صوت هولمز كان عميقا بشكل غير معهود ربما كان جزءًا من صورة معدّة بعناية تهدف إلى مساعدتها على التكيف مع عالم الأعمال الذي يهيمن عليه الذكور.
القاعدة الخامسة : أحط مشروعك بالكثير من الغموض و السرية
أحاطت هولمز عملها بالسرية التامة. امتد هذا الهوس بالسرية إلى كل جانب من جوانب مشروع الثيرانوس. حيث فرضت عقوبات و غرامات على كل من يفشي أي سر من أسرار شركتها.
تمكنت من تجنيد محامي من الوزن الثقيل لمساندتها. كان هذا المحامي ديفيد بويز ، الذي كان أيضًا عضوًا في مجلس إدارة شركة ثيرانوس. مع وجود بويز فرضت هولمز سياسات قاسية لكل من تجرأ على انتقاد شركتها.
اكتشاف خداع و تدليس هولمز
استمرت هولمز في اقناع الناس أن مشروعها ثيرانوس سيحدث ثورة نوعية في الرعاية الصحية ، و استغلال المستثمرين و جذب ملايين الدولارات ، الى ان اكتشف جون كاريرو مراسل صحفي في وول ستريت جورنال بطلان ادعاءاتها حين طرح تساؤلات حول كيف لفتاة لم تتخرج من الجامعة أن تخترع آلة بغاية التعقيد يمكنها اكتشاف جميع أنواع الأمراض من مجرد قطرة دم.
ففي المجال الطبي ، أي اكتشاف يحتاج الى المئات من أوراق البحث الموثقة و على مدى سنين طويلة.
بدأت شكوك جون كاريورو تتأكد حين قام بأولى مكالماته الهاتفية مع آلان بيم ، مدير المختبرات السابق في ثيرانوس.
أكد بيم و موظفين سابقين لدى ثيرانوس أن هناك تباينًا بين ما تصوره هولمز للجمهور وبين الواقع حيث كشفوا أن تقنية ثيرانوس الرائعة لم تنجح كما تدعي هولمز ، وأن العديد من نتائج الاختبار التي أُعطيت للمرضى لم تكن دقيقة.
قامت الحكومة الامريكية بتقصي أمر ثيرانوس و في النهاية ثبت احتيال و كذب هولمز.
أغلقت الشركة رسمياً في سبتمبر من العام الماضي ، وتواجه هولمز الآن تهم جنائية كالإحتيال و تعريض حياة آلاف المرضى للخطر قد تزج بها في السجن لسنين.
ربما استطاعت إليزابيث هولمز بأساليبها الذكية أن تكون واحدة من أنجح مندوبي المبيعات في التاريخ. بنت مشروعها ثيرانوس على الخداع لمدة 13 عامًا قبل ظهور الحقيقة وهدر ملايين الدولارات.
مع وجود ما يكفي من الكاريزما و أساليب الاقناع و التدليس، يمكنك بيع أي شيء لأي شخص ، على الأقل لفترة من الوقت.
قصة هولمز هاته تجعلنا نستحضر حديث نبينا الكريم الذي يبين فيه أن في آخر الزمان ستنقلب المفاهيم و تتبدل الموازين و تكثر الخديعة بين الناس:
روى الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما عن أبي هريرة وانس بن مالك وغيرهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ستكون، أو قال: سيأتي على الناس، أو قال: قبل الساعة، أو إن بين يدي الساعة.. سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة”.. قيل: وما الرويبضة؟ قال: “الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.
وفي لفظ عند أحمد “الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ”. وفي رواية: “الرجل السفيه يتكلم في أمر العامة”.
موضوع قد يهمك أيضا : 7 حقائق مظلمة ل يوم عيد الحب : قصة الفالنتاين الحقيقية Valentine’s Day